والقياس على القياس الصحيح، وهو: المستكمل لجميع شروط
الاحتجاج به، والصادر من أهل الاجتهاد.
أما ما نقل عنهم من إنكار وذم العمل بالرأي والقياس فنحمله على
ما كان صادراً عن الجهال، ومن لم يصل إلى درجة الاجتهاد، وما
كان مخالفا للنص، وما ليس له أصل يشهد له بالاعتبار، وما كان
على خلاف القواعد الشرعية، وهذا هو المسمى بالقياس الفاسد.
أما الجواب التفصيلي فهو: أن يجاب عن كل رواية من الروايات
المنقولة السابقة في ذم الرأي والقياس، فنقول على الترتيب السابق:
١ - أما - قول أبي بكر - رضي الله عنه -: " أي سماء تظلني
وأي أرض تقلني ... "، فإنما أراد به قوله في تفسير القرآن،
ونحن نسلم أنه لا مجال للرأي في ذلك؛ لكونه مستنداً إلى محض
السمع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل اللغة.
٢ - وأما قول عمر - رضي الله عنه -:
" إياكم وأصحاب الرأي.. "، فإنما قصد به ذم من ترك الموجود من الأحاديث، وعدل إلى الرأي والقياس مع أن العمل به مشروط بعدم النص.
٣ - وأما قول عمر: " إياكم والمكايلة "، وفسر المكايلة بأنها
المقايسة، فإن المراد بالمقايسة التي حذر عمر عنها هي القابسة الفاسدة.
٤ - وأما قول عمر لشريح: " اقض بما في كتاب اللَّه.. "
فنقول فيه: إن القياس مما أجمع أهل العلم على العمل به.
٥ - وأما قول علي: " لو كان الرأي أوْلى من السُنَّة.. "
فالمقصود منه: أن الشريعة ليست كلها على ما يقتضيه القياس، بل
بعضها تعبدي لا يجوز القياس فيه، وبعضها الآخر له عِلَّة يمكن أن
يقاس عليه بسبب تلك العِلَّة.