للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الدلالة: أن اللَّه - تعالى - حينما فرض الصلاة أتى جبريل

- علمه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلمه أوقاتها وأفعالها، فصلى به مرة في أول وقتها، وصلى به مرة أخرى في آخر وقتها، فقال

- حينئذ -: " الوقت ما بين هذين "، وهذا يفيد تخيير المكلَّف في

أداء الصلاة في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد لها، أي: أن

الإيجاب يتناول جميع أجزاء الوقت، وليس تعيين بعض أجزاء

الوقت للوجوب بأوْلى من تعيين البعض الآخر.

الدليل الثالث: العقل دلَّ على ثبوت الواجب الموسَّع، بيانه:

أن السيد لو قال لعبده: " قد أوجبت عليك بناء هذا الجدار في

هذا اليوم في أي جزء منه، إن شئت في أوله، أو في وسطه، أو

في آخره، فمهما فعلت: تكون قد امتثلت أمري، وإن لم تفعل:

تكون قد خالفت أمري " كان هذا الكلام معقولاً، ولا يمكن أن

يقدح في صحته أحد.

فلا يمكن أن يقال: إن السيد لم يوجب على العبد شيئاً؛ لأن

العبارة واضحة أنه أوجب عليه فعل شيء.

ولا يمكن أن يقال: إن السيد قد أوجب على العبد بناء الجدار في

وقت واحد فقط فضيق عليه، لأنه صرح بالتوسع، حيث قال له:

" إن شئت في أوله، أو في وسطه، أو في آخره ".

فلم يبق إلا أنه أوجب عليه بناء الجدار في ذلك اليوم ووسع عليه

في هذا الإيجاب بدليل لفظه في المثال، مما يدل على تخييره في

الوقت.

الدليل الرابع: قياس الواجب الموسع على الواجب المخير، بيانه: