ثانيهما: أنه لو كان للوجوب للزم منه تخصيصات لا حصر لها،
وهو خلاف الأصل.
وإذا ثبت ذلك لم تكن الآيات دالة على اختصاص الوجوب بأول
الوقت، بحيث لا يجوز التأخير عنه، بل يجوز التأخير عنه بشرط
العزم على فعله في آخر الوقت، ونحن نقول به.
الدليل الثاني: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" الصلاة في أول الوقت رضوان، وفي آخره عفو اللَّه ".
وجه الدلالة: أن هذا النص اقتضى أن فعل الصلاة في آخر
الوقت معصية تتطلب العفو، ولو كان المكلَّف مخيراً بأي جزء من
هذه الأجزاء وقع الفعل فيه: لما كان تأخيره للواجب عن أول الوقت
موجباً للعفو والغفران، لأن العفو إنما يكون عن ذنب أو معصية،
وبذلك يكون الحديث دالاً على أن وقت الفعل هو الجزء الأول منه،
وما بعده وقت لقضائه.
جوابه:
يمكن أن يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن هذا الحديث فيه يعقوب بن الوليد، وهذا قد
كذَّبه الإمام أحمد، وسائر الحُفَّاظ، وقال ابن حبان: " ما رواه إلا
يعقوب، وكان يضع الحديث على الثقات "، وأخرجه الدارقطني
بسند ضعيف.
فإذا ثبت ذلك فلا يصح الاحتجاج بالحديث على إثبات قاعدة
أصولية كهذه، وهي: " أن الوجوب متعلق بأول الوقت ".
الجواب الثاني: على فرض صحة الحديث، فإنه يفيد الترغيب