جوابه:
يمكن أن يقال - في الجواب عنه -: إن ذلك يدل على أنه وقتها
المضيق، ولا يدل على أنها غير واجبة في غيره بصفة التوسع؛ لأن
كون الشيء واجبا بصفة التضييق في وقت لا يدل على أنه غير واجب
في غيره على وجه التوسع..
أما قولكم: " يحتمل أن يكون فعله ندبا في أول الوقت يسقط
الفرض عنده "، فهذا باطل؛ لأمرين:
أولهما: أنه لو أدى الفرض بنية الندب لم يقع الوقع إجماعا.
ثانيهما: أن سقوط الفرض عند أداء الندب بعينه لم يعهد مثله في
الشرع.
أما قولكم: " أو يكون فعلها كالزكاة المعجَّلة " فهو باطل
- أيضا -؛ لأن قياس الصلاة في أول وقتها على تعجيل الزكاة قياس
فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، بيان ذلك:
أن تعجيل الزكاة لم يحصل بحكم الأمر المقتضي للوجوب، وإنما
حصل بحكم الأمر المقتضي للرخصة وهو: ما ورد أن العبَّاس
- رضي اللَّه عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل الزكاة قبل أن تحل فرخص له في ذلك.
بخلاف الصلاة؛ فإنها تفعل في أول الوقت بالأمر الذي تفعل في
آخره، فالنية واحدة في الصلاة سواء صلاها في أول الوقت، أو
صلاها في آخره، ولم يفرق أحد من السلف بين النيتين.
أما الزكاة فإنها تجب قبل حولان الحول بنية التعجيل حسب الأمر
المقتضي للرخصة - فقط -، أما لو أخرها بعد كمال الحول، فإنها
تجب بنية الأمر المقتضي لوجوب الزكاة، وفرق بين النيتين.