للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوع الأول - من أنواع الإيماء -: أن يذكر الوصف ثم يذكر

الحكم بعده وهو مقترن بالفاء:

أولاً: بيان ذلك با لأمثلة والدليل:

ومن الأمثلة: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) ،

وقوله: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)

وقوله؛ (قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) ، وقوله عليه

الصلاة والسلام: " من بدل دينه فاقتلوه "،

وقوله: " من أحيا أرضا ميتة فهي له ".

فإن في هذه الأمثلة دلالة على أن الوصف المتقدم - وهو السرقة،

والزنى، والأذى، وتبديل الدين، وإحياء الأرض - علَّة للحكم

وهو: وجوب القطع، والجلد، والاعتزال، والقتل، وتمليك

الأرض.

ودليل ذلك: أن الفاء ظاهرة في أنها للتعقيب، ولهذا فإنه لو

قيل: " جاء زيد فعمرو "، فإن ذلك يدل على مجيء عمرو عقيب

زيد من غير مهلة، فكذلك هنا فإن ذكر الحكم وهو مقترن بالفاء بعد

وصف مباشرة يلزم منه أمران:

أولهما: ثبوت الحكم عقيب ذلك الوصف من غير مهلة.

ثانيهما: السببية؛ لأنه لا معنى لكون الوصف سببا إلا ما ثبت

الحكم عقيبه وبعده مباشرة.

وليس ذلك قطعا، بل ثبت ذلك بالاجتهاد؛ لأن الفاء في اللغة

ترد بمعنى الواو في إرادة الجمع المطلق، وقد ترد بمعنى " ثم " في

إرادة التأخير مع المهلة، غير أنها ظاهرة في التعقيب.