وعلى فرض أن المطالبة بالدليل دليل، فإننا قد أثبتنا أدلة قوية على
اشتراط العزم.
الجواب الثاني: أنا نوافقكم على أن النصوص السابقة لم تتعرض
صراحة لاشتراط العزم على فعل الصلاة في آخر الوقت إن لم تفعل
في أول الوقت، لكن فهم من تلك النصوص: أن الصلاة الواجبة
لا تتم ولا تصح إلا بأحد شيئين:
إما فعلها في أول الوقت.
أو العزم على فعلها في آخر الوقت.
ولا ثالث لهما.
وإذا كانت الصلاة لا تتم إلا بذلك - وهو قد ترك الفعل في أول
الؤقت - فيكون العزم واجباً؛ بناء على القاعدة الأصولية المعروفة:
" ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ".
بيان نوع الخلاف:
الخلاف بين المشترطين للعزم وغير المشترطين خلاف لفظي، لاتفاق
الفريقين على أن المكلَّف لا يترك الفعل في أول الوقت إلا إذا كان
عازما على الفعل في آخر الوقت، وإن لم يصرح أصحاب المذهب
الثاني - وهم المانعون من اشتراط العزم - بذلك؛ لأن وجوب العزم
تابع لبقاء الفعل في الذمة ولازم لكل من عليه التكليف دخل وقته أو
لم يدخل، وذلك لأنه إذا لم يعزم على الفعل مع التذكر، فقد عزم
على الترك، وهو معصية، وترك المعصية واجب.
فأي مكلف عاقل يفهم الخطاب لا يمكن - بأي حال من الأحوال -
أن يترك الفعل في أول وقته مطلقاً، بل تركه، وهو ينوي أن يعمله