عن المكلف، وهي تعتبر من المغيبات التي لا يعلمها إلا اللَّه - تعالى -
فاشتراط مثل ذلك الشرط يفضي إلى المحال، وما أفضى إلى المحال
فهو محال؛ لأن سلامة العاقبة غيب لا يعلمه إلا اللَّه عَزَّ وجَلَّ،
ولم نكلف علمه، ولا بناء الأحكام عليه، لأننا لا نعلم حقيقة هل
يبقى المكلَّف حياً إلى آخر الوقت، فيفعل الواجب أو لا؟
واعلم: أنه لا يجوز للمكلف العزم على تأخير الفعل إلا إلى
زمن يغلب على ظنه السلامة، والبقاء إليه، والعيش فيه كمن أخَّر
فعل الصلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها، ومثل الشاب، أو الشيخ
الصحيح الذي لا يشكو من علَّة إذا أخَّر قضاء رمضان إلى شعبان،
والشاب الصحيح إذا أخَّر أداءَ الحج إلى سنة، أو سنتين - على رأي
من قال بأن الحج من أمثلة الواجب الموسَّع -.
فالظن - إذن - يختلف باختلاف الأحوال وقوى الرجال.
فإذا غلب على ظنه السلامة والبقاء إلى الزمن الذي يريد أن يوقع
الفعل فيه: جاز له تأخير الواجب الموسَّع إليه بمقتضى ذلك الظن
الغالب للبقاء.
وإذا غلب على ظنه عدم البقاء إلى الزمن الذي يريد أن يوقع
الفعل فيه: وجب الإتيان بالفعل قبل ذلك الزمن الذي لا يستطيع
أداء الفعل فيه، لأن الظن - هنا - مناط التعبد، فإن عزم على
تأخير الفعل مع ظنه الغالب في عدم السلامة والبقاء إليه: عصى
بمجرد هذا التأخير، لأنه أخَّر الواجب عن وقته مع القدرة على فعله
مع الظن الغالب من عدم البقاء.
فمثلاً لو عزم المريض المشرف على الهلاك على تأخير قضاء الصوم
شهراً، أو عزم الشيخ الهرم الضعيف على التأخير، وغلب على