المذهب الثاني: لا يجوز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهو مذهب بعض الشافعية، وحكي عن أبي منصور الماتريدي من
الحنفية، وهو ظاهر مذهب ابن حزم، واختاره أبو علي وابنه أبو
هاشم.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قادر على معرفة الحكم بالوحي الذي يفيد العلم قطعا وصريحا، وكل من كان قادراً على العلم
القطعي لا يجوز له العمل بالظن، فلا يجوز للنبي - صلى الله عليه وسلم - العمل بالظن الحاصل بالاجتهاد، فلا يجوز له الاجتهاد.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قادراً على معرفة الحكم بالوحي؛ لأن الوحي ليس في اختياره ينزل عليه متى شاء،
ولذلك قد يضطر إلى الاجتهاد في الأمور التي لا تقبل التأجيل.
الدليل الثاني: إنه ثبت - فيما سبق في حجية السُّنَّة -: أن قول
النبي - صلى الله عليه وسلم - نص قاطع، وحُجة قاطعة على من سمعه شفاها أو بلغه عن طريق التواتر، والاجتهاد لا يفيد إلا الظن.
فهنا حصل تضاد بين قوله - صلى الله عليه وسلم -، حيث قلنا بإفادته القطع، وبين اجتهاده حيث إنه لا يفيد إلا الظن، فالقطع غير الظن فكيف
يجتمعان؟!
أنه لو قيل له: إن ظنك علامة على حكم اللَّه - تعالى - فيكون
قد استيقن الظن والحكم معاً، فلا تنافي بين معرفته الحكم بالوحي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute