للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو: " الحيوان "؛ إلا أن الأول حيوان ناطق، والثاني حيوان غير

ناطق، فكذلك الواجب والمندوب يصدق عليهما اسم واحد، وهو:

أن كلًّا منهما مأمور به حقيقة إلا أن الأمر بالواجب أمر جازم،

والأمر بالمندوب أمر غير جازم.

الدليل الثاني: أنه قد شاع وذاع بين الفقهاء وأهل اللغة أن الأمر

ينقسم إلى قسمين: " أمر إيجاب " و " أمر ندب واستحباب "،

وحيث إن مورد القسمة مشترك بين القسمين بالضرورة، فإنه يثبت:

أن المندوب مأمور به حقيقة كالواجب.

الدليل الثالث: أن اللَّه سبحانه وتعالى قد أطلق الأمر على

المندوب في الكتاب، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيكون المندوب

مأموراً به حقيقة.

من ذلك: قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) ، فهنا قد أمر اللَّه تعالى بأشياء، منها: ما هو

واجب، كالأمر بالعدل، ومنها ما هو مندوب إليه كالأمر بالإحسان،

وإعطاء ذي القربى، وهذا يدل دلالة واضحة على أن الأمر يطلق

على المندوب، كما يطلق على الواجب سواء بسواء، وهذا يقتضي

أن المندوب مأمور به حقيقة كالواجب.

ومن ذلك قوله تعالى: (وأمر بالمعروف) ، فهنا قد أمر الله

تعالى بالمعروف، والمعروف عام لدخول أل الاستغراقية عليه، فهو

يشمل الطاعات الواجبة، والطاعات المندوبة، وهذا يدل على أن

الأمر يطلق على المندوب حقيقة كما يطلق على الواجب ولا فرق.

ومن ذلك ما قالته أم عطية - رضي اللَّه عنها -: "أمرنا - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في العيدين العواتق "، ومعروف أنه ليس إخراجهن واجباً.