للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: صيغة الأمر التي صرفت من اقتضائها للوجوب والندب

إلى الإباحة بسبب قرينة اقترنت بها، ومن ذلك قوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) ، فهذا الأمر بالانتشار هو

للإباحة، والقرينة التي صرفت الأمر إلى الإباحة هي: منع الفعل

قبل ذلك في قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) ،

حيث إنه كان الانتشار لطلب الرزق ممنوعاً إذا نودي للصلاة، ثم

أباحه بعد الصلاة.

المسألة الرابعة: هل المباح من الشرع؟

اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن المباح من الشرع، أي: أنه حكم شرعي،

ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.

وهو الراجح؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن الإباحة: تخيير بين الفعل والترك، وهو

متوقف في وجوده على الشرع كبقية الأحكام الشرعية، فتكون

الإباحة حكماً شرعياً.

فهذا الدليل قائم على القياس، وهو قياس الإباحة على بقية

الأحكام الشرعية، كالواجب والمندوب بجامع: أن كلًّا منها متوقف

في وجوده على الشرع.

الدليل الثاني: الأفعال ثلاثة أقسام:

قسم صرَّح الشرع فيه بالتخيير بين فعله وتركه، فقال: " إن شئتم

فافعلوه وإن شئتم فاتركوه "، فهذا خطاب من الشارع صريح وهو

حكم شرعي.