(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ، وقوله: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) .
وجه الدلالة: أن هاتين الآيتين جعلتا الإباحة أصلاً في هذه
الأشياء إلا ما صرَّح اللَّه عَزَّ وجَلَّ بتحريمه.
الدليل الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن السمن والجبن والفراء فقال: " الحلال ما أحل اللَّه في كتابه، والحرام ما حِرَّم اللَّه في
كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفي عنه ".
وجه الدلالة: أن الأشياء المسكوت عنها قد عفى اللَّه لمن فعلها
ولمن تركها، وهذا هو معنى الإباحة.
الدليل الخامس: قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه بين أنه لا يجوز لأي شخص أن
يحرم شيئاً قد أخرجه لعباده دون دليل صادر عنه سبحانه.
فهذه النصوص الشرعية دلت بعمومها على أن حكم الأفعال
والأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع بحكمها هو: الإباحة.
تنبيه: لقد استدل القائلون بالإباحة بأدلة عقلية، ولكن تلك
الأدلة ضعيفة، وقد أجبت عنها واعترضت عليها في كتابي " إتحاف
ذوي البصائر بشرح روضة الناظر "، فإن شئت فارجع إليه.
المذهب الثاني: الوقف، أي: أن الأفعال والأعيان المنتفع بها قبل
ورود الشرع بحكمها: لا حكم لها..
ذهب إلى ذلك: بعض الحنفية، وابن الحاجب، والغزالي،
وفخر الدين الرازي، والآمدي، وأبو بكر الصيرفي، وأبو علي