للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدلة أصحاب هذا المذهب:

استدل أصحاب هذا المذهب بأدلة، من أهمها:

الدليل الأول: أن هذه الأعيان ملك لله تعالى، لأنه خلقها

وأنشأها، والانتفاع بملك الغير بغير إذنه قبيح فلا يجوز، قياساً على

ملك المخلوق، فكما لا يجوز التصرف في ملك الإنسان بغير إذنه،

فكذلك لا يجوز التصرف والانتفاع بما خلقه اللَّه تعالى بغير إذنه،

وهو لم يأذن، فيبقى على التحريم.

جوابه:

يمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال: إن قياسكم الخالق على

المخلوق قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الخالق لا يتضرر

إذا انتفعنا بما خلقه وما ملكه، وأما المخلوق فإنه يتضرر إذا انتفعنا

بأملاكه، بيان ذلك:

أن العادة تقضي: أن التصرف في ملك الغير من المخلوقين بغير

إذنه يقبح إذا كان هذا الغير يتضرر ويتأثر كمن أكل من طعام غيره،

أو شرب من شرابه، فإنهما يؤثران في الطعام والشراب.

أما إذا كان ذلك الغير لا يتضرر ولا يتأثر فلا يقبح التصرف في

ملكه بغير إذنه عادة، كمن نظر إلى مرآة غيره، أو من استظل بجدار

غيره؛ حيث إن هذه الأمور وما شابهها لا يؤدي إلى استهلاك أو

ضرر المرآة، أو الجدار.

فإذا ثبت أن الشيء الذي لا يتضرر به المالك من الآدميين يقبح أن

يمنع من الانتفاع به، فيجب أن لا يمنع الانتفاع بشيء من الأعيان التي

يملكها اللَّه عَزَّ وجَلَّ - وكل شيء ملكه سبحانه وتعالى -؛ لأنه لا

ضرر على اللَّه تعالى في الانتفاع بشيء من ذلك.