للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثاني: أن أخذنا بالحظر والتحرير أحوط وأبعد عن الخطر.

بيان ذلك: أن تلك الأعيان والأفعال يحتمل أن يكون الانتفاع بها

مباحاً، فلا يأثم المكلف بذلك، ويحتمل أن يكون الانتفاع بها

حراماً، فيأثم المكلَّف على ذلك، ويترتب على ذلك ضرر عليه.

وبناء على هذين الاحتمالين، فإننا إذا - أقدمنا على الانتفاع بهذه

الأشياء لم نأمن العقوبة من اللَّه تعالى؛ لاحتمال كونه حراماً.

وإذا تركنا ذلك: سلمنا من ذلك الاحتمال.

فكان القول بالحظر والتحريم أحوط وأبعد عن الخطر؛ لأن فعل

الحرام يعاقب عليه مطلقاً، أما ترك المباح فهو جائز.

جوابه:

يمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال: إن قولكم هذا لو كان

صحيحاً في إثبات الحظر والتحريم لجاز أن يجعل هذا الدليل طريقاَ

في إيجاب بعض العبادات كالصوم والصلاة قبل ورود الشرع بإيجابهما

خوفاً من أن تكون واجبة، فيقال: لا نأمن من العقاب على تركها،

فيجب أن يكون ذلك واجباً قبل ورود الشرع بإيجابهما، ولما لم يصح

هذا بالإجماع - حيث إننا لم نعلم إيجاب الصلاة والصوم إلا بعد

ورود الشرع بذلك -: لم يصح ما ذكروه؛ لعدم اطراده.

بيان نوع هذا الخلاف:

لبيان نوع الخلاف في هذه المسألة لا بد من التفصيل الآتي:

أولاً: الخلاف بين المذهب الأولى - وهو الإباحة - والثاني - وهو

الوقف - خلاف لفظي، بيان ذلك:

إن القائل بالوقف هو موافق في الحقيقة للقائل بالإباحة؛ حيث إن