مراد القائلين بالوقف هو: أنه لا يثاب على الامتناع منه، ولا يأثم
بفعله، وهذا هو حقيقة الإباحة.
أي: أنه لا عقاب على أحد في ما يفعله، ولا ثواب في شيء
يفعله، ولا وجوب بشيء من الأشياء حتى يرد الشرع به، وهذا هو
حد الإباحة.
ومراد القائلين بالإباحة: أنه لا حرج في الفعل والترك، وهذا هو
الوقف؛ لأن المتوقف يقول: لا حكم لهذا الشيء فيعمل كيفما شاء.
فلا خلاف حقيقي بين القائلين بالإباحة والقائلين بالتوقف، وهو
اختيار إمام الحرمين، والغزالي، والآمدي، وأبي يعلى الحنبلي.
ثانياً: يرى بعض العلماء كابن عقيل، وشمس الدين الأبياري:
أن الوقف موافق للحظر، فيكون الخلاف بين القائلين بالوقف،
والقائلين بالحظر خلافا لفظيا، وهذا هو الصحيح، بيان ذلك:
أن المتوقفين لم يتوقفوا في التصرف في هذه الأشياء، ولم ينتفعوا
بها إلا لأنهم حرموها على أنفسهم؛ حيث لا يوجد دليل من
الشرع، ولا من العقل يفيد الإذن في الانتفاع بها، وهو معنى قول
القائلين بالحظر والتحريم كما يستفاد ذلك من أدلة الفريقين.
ثالثاً: أن الخلاف بين أصحاب المذهب الأول وهم القائلون
بالإباحة، وبين أصحاب المذهبين الثاني والثالث خلاف معنوي له
ثمرة، بيان ذلك:
أن الشيء الذي سكت عن حكمه الشارع، فلم يوجد له في
الشرع لا نفي ولا إثبات، أو وُجد دليلان متعارضان متكافئان فيه