المسألة التاسعة: هل المكروه من التكليف؟
اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المكروه ليس من التكليف.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
وهو الصحيح؛ لأن التكليف إنما يكون بما فيه كلفة ومشقة،
والمكروه لا كلفة ولا مشقة فيه - كما اتضح ذلك من بيان حقيقة
المكروه السابق في المسألة الثانية، ومن بيان حكم المكروه السابق في
المسألة السابعة -.
حيث بيَّنا: أن المكلَّف إذا ترك الفعل المكروه فله أجر وثواب،
وإن لم يتركه فلا إثم عليه، وهذا لا مشقة ولا كلفة فيه، بخلاف
الواجب والحرام، فالمشقة والكلفة فيهما واضحة؛ حيث إن المكلَّف
إن فعل الواجب فله أجر، وإن تركه فعليه إثم، وإن ترك الحرام فله
أجر، وإن فعله فعليه إثم، وكل ذلك للابتلاء.
المذهب الثاني: أن المكروه من التكليف.
ذهب إلى ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وبعض الشافعية
وبعض الحنابلة.
دليل هذا المذهب:
استدل هؤلاء بقولهم: إن المكروه لا يخلو من مشقة وكلفة،
فشمله معنى التكليف.
جوابه:
يمكن أن يقال - في الجواب عنه -: إننا لو رجعنا إلى حقيقة
المكروه لوجدنا أنه لا مشقة حقيقية فيه، ولا إلزام في ترك الفعل.