المعنى عن الأكل والشرب والنوم، والأمر بالجلوس في البيت يكون
نهياً في المعنى عن الجلوس في الطريق وغير ذلك من المواضع التي
يضاد الجلوس فيها الجلوس في البيت.
ولقد صحَّحته للأدلة التالية:
الدليل الأول: أنه لا يمكن أن نتوصل إلى فعل المأمور به إلا بترك
ضده، فوجب أن يكون الأمر به نهياً عن ضده، فلو قال - مثلاً -:
" قم " لا يمكنه فعل القيام إلا بترك القعود، فوجب أن يكون نهياً
عن القعود، والاضطجاع، والركوع، ونحو ذلك، قياسا على
الأمر بالصلاة لما لم يمكنه فعل الصلاة إلا بتقديم الطهارة كان الأمر
بالصلاة أمراً بالطهارة، وجلب الماء، وتوفير كل الأسباب التي
يتوصل بها إلى صحة الصلاة، فكذا هاهنا.
الدليل الثاني: أن السيد لو قال لعبده: " قم " فقعد حسن ذمه
وتوبيخه على القعود، فيقول له: " لِمَ قعدت؛ "، ولو لم يكن
الأمر بالقيام اقتضى النهي عن القعود: لما حسن توبيخه وذمه على
القعود.
الدليل الثالث: أن من أذن لغيره في دخول الدار ثم قال له:
"اخرج " تضمن هذا القول منعه من القيام فيها، واللفظ إنما هو أمر
بالخروج، وقد عقل منه المنع من المقام الذي هو ضده.
المذهب الثاني: أن الأمر بالشيء هو بعينه طلب ترك الضد، فهو
طلب واحد: بالإضافة إلى جانب الفعل: أمر، وبالإضافة إلى
جانب الترك: نهي.
فالسكون هو عين ترك الحركة، وطلب السكون هو عين طلب