وقيم المتلفات، وهذا تكليف من جهة الشرع، فلو كان غير مكلَّف
لما لزمه دفع تلك الواجبات من ماله، فلما لزم ذلك دلَّ على تكليفه.
جوابه:
يقال في الجواب عنه: إن وجوب تلك الواجبات عليه ليس من
باب خطاب التكليف، وإنما هو من باب خطاب الوضع؛ حيث إنه
من قبيل ربط الأحكام بأسبابها، فالشرع وضع أسبابا تقتضي أحكاما
تترتب عليها، تحقيقا للعدل في خلقه، ومراعاة لمصالحهم تفضلاً منه
سبحانه، فهذه لا تكليف فيها.
فبلوغ المال النصاب سبب لوجوب الزكاة في هذا المال، بعد
حولان الحول عليه سواء كان مالكه صبيا أو بالغا.
فإذا بلغ ذلك المال النصاب وحال عليه الحول، فقد وجب في ذمة
الصبي إخراج الزكاة.
كذلك الإتلاف سبب لوجوب قيمة المتلَف - بفتح اللام - على
المتلف بقطع النظر عن المتلف - بكسر اللام - أي: سواء كان صغيراً
أو كبيراً.
كذلك إذا جرح الصبي شخصا بجرح صغير: فإن هذا سبب
لإخراج أرش هذا الجرح من مال الجارح، سواء كان صغيراً أو كبيراً.
الخلاصة: أن بلوغ المال النصاب، ونفس الإتلاف، والجنايات
بالجراح أسباب لثبوت حقوق في ذمة الصبي.
ولكون اللَّه سبحانه قد حفظ للناس حقوقهم، ونظراً لأن حكمته
اقتضت عدم ظلم الفقير، وظلم الآخرين، فإن هذه الأسباب تكون