أي: هل هو مكلَّف؟
أقول: المكره نوعان:
النوع الأول: مكره ملجأ، وهو: من حمل على أمر يكرهه ولا
يرضاه، ولا تتعلق به قدرته واختياره كمن ألقي من شاهق على
مسلم فقتله، أو من ربط بحبل وحمل على مسلم فقتله، أو ألقي
على مال فأتلفه، فهذا غير مكلَّف اتفاقاً، لأنه مسلوب القدرة غير
مختار كالآلة.
أي: لا اختيار له في ذلك، ولا هو بفاعل له، وإنما هو آلة
كالسكين في يد القاطع، وكحركة المرتعش.
النوع الثاني: مكره غير ملجأ وهو: من حمل على أمر يكرهه،
ولا يرضاه، ولكن تتعلق به قدرته، واختياره، وإرادته كمن قيل
له: " اقتل أخاك المسلم وإلا قتلناك "، أو قيل لمسلم: " اقطع يد
فلان المسلم وإلا قطعنا يدك "، فهذا قد اختلف العلماء في تكليفه
على مذهبين:
المذهب الأول: أنه مكلَّف.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
وهو الصحيح؛ لأن شروط التكليف قد توفرت، فيه، وهي:
البلوغ، والعقل، وفهم الخطاب، فما المانع من تكليفه؟
أي: أن المكره قد بلغ الحد الذي يمكن أن نكلفه عنده بالتكاليف،
وهو عاقل يفرق بين الحق والباطل والمحرم وغيره، وهو فاهم
لخطابات الشارع يفرق بين ما يقتضي التحريم، وما يقتضي الوجوب،
وأنه يلزم من ترك الواجب وفعل الحرام: العقاب، وهو أيضا قادر