على إيقاع ما أمر به وعدم إيقاعه، فهو مختار في الإقدام،
والانكفاف، وينسب إليه الفعل حقيقة.
إذن: المكره مكلَّف كغير المكره ولا فرق بجامع: توفر جميع
شروط التكليف إضافة إلى توفر القدرة وكمال البدن والذمة، ومجرد
الإكراه ليس سبباً لإسقاط الخطاب عن المكره بأي حال من الأحوال.
المذهب الثاني: أن المكره غير الملجأ غير مكلَّف.
ذهب إلى ذلك جمهور المعتزلة، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن المكره قد أتى بالفعل المكره عليه بدافع الإكراه
لا غير، وهذا يقدح في قدرته على الامتثال؛ لأن الامتثال لا يكون
إلا بأن يأتي المكلَّف بالفعل اختياراً قاصداً الطاعة لأمر الشارع، وهنا
لم يفعل المكره الشيء الذي أكره عليه إلا من أجل استجابة أمر المكره
لا من أجل استجابة أمر الشارع.
جوابه:
يجاب عن ذلك بأنا لا نُسَلِّمُ أن الإكراه ينافي القدرة، ويتعارض
معها، بل إن المكره قادر على فعل ما أكره عليه، وقادر - أيضا -
على ترك فعله، ولهذا أجمع العلماء على أنه إذا أكره المسلم على
قتل أخيه المسلم، فإنه يحرم ذلك عليه، فالمكره بالقتل مأمور
باجتناب ذلك القتل، وإن فعل ما أكره عليه فإنه يأثم بلا خلاف.
وإذا كان المكره مأموراً بذلك ويأثم إذا فعل: فيلزم من ذلك: