أن المكره مكلَّف، إذ لو لم يكن التكليف ثابتاً في حقه: لما أمر
بالكف عن القتل، ولما أثم بفعل القتل.
الدليل الثاني. أن من شرط الأمر بفعل " ما " أن يثاب المأمور
عليه، وإلا امتنع التكليف به، والمكره إن أتى بالفعل لداعي الإكراه
- فقط - فإنه لا يثاب عليه فيمتنع تكليفه به.
جوابه:
يجاب عنه: بأن المكلَّف إذا فعل ما أُكرِه عليه وهو موافق للشرع،
وقصد ونوى أنه فعله لطاعة اللَّه، لا لطاعة المكرِه - بكسر الراء -
فإنه يثاب، فيكون ظاهر فعله أنه طاعة للمكرِه - بكسر الراء -،
وباطنه أنه فعله طاعة لله، وكل فعل قصد به طاعة اللَّه فله ثواب.
الدليل الثالث: أنه حال مباشرة المكرَه للفعل المكره عليه يمتنع
تكليفه بتركه، لأنه يلزم منه الجمع بين الفعل والترك في آنٍ واحد،
وهو جمع بين النقيضين، وهو ممنوع.
جوابه:
يجاب عنه: بأنه لا يمنع التكليف بنقيض المكرَه عليه قبل الإقدام
على فعل المكره عليه ومباشرته، لأنه لا يلزم من هذا الجمع بين
النقيضين " لعدم اتحاد الزمن.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة معنوي له أثره في كثير من مسائل الفروع،
ومنها:
١ - أن المكرَه إذا قتل من يرث منه، فهل يمنع من ذلك الميراث؟
اختلف على قولين:
الأول: أنه يمنع من ذلك الميراث، وهو الصحيح؛ لأنه مكلَّف
قادر على الامتناع.