للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل السادس: أن الصلاة لو وجبت على الكافر لوجبت عليه

إما حال الكفر، أو بعده.

والأول - وهو وجوبها حال الكفر - باطل؛ لأن الإتيان بالصلاة

في حال الكفر ممتنع، حيث يستحيل الجمع بين فعله للصلاة وبين

كفره، فكيف يجب على الكافر ما يستحيل أن يمتثله؛ هذا ممتنع،

والممتنع لا يؤمر به.

وأما الثاني - وهو: وجوب قضاء الصلاة بعد الكفر، أي: بعد

إسلامه - فهذا باطل - أيضا -، لإجماع العلماء على عدم أمر

الكافر عندما يسلم بقضاء ما فاته من الصلاة في زمن كفره.

جوابه:

يجاب عنه: بأن المستحيل والممتنع هو تكليف الكافر بفعل الصلاة

وغيرها من العبادات مع عدم قدرته على - فعلها، ولكن لا يمتنع

تكليفه بفعل الصلاة بشرط تقديم الإيمان؛ لاستطاعته فعل ذلك.

وأما عدم أمر الكافر عندما يسلم بقضاء ما فاته من الصلوات في

زمن كفره، فقد أجمع العلماء عليه، لأمرين:

أولهما: قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ، وكذا قوله عليه الصلاة والسلام:

" أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ".

فهنا جعل الإسلام مسقطا لما قد سلف، أي: يقطع ما قبله من

أحكام الكفر حتى كأن الكافر بعد إسلامه لم يصدر منه معصية لله

تعالى أصلاً، وفي هذا ملحظ للشارع قد اهتم به، وهو تيسير