الدخول في الإسلام عليهم، وتحبيبه عندهم وتحسينه في أنظار
الكفار، إذ أن الكافر لو أراد الإسلام - وهو شيخ كبير أو هو في
منتصف العمر - وهو يعلم بأنه سيقضي ما فاته من العبادات من
صلاة وصيام وزكاة لنفر عن الدخول في الإسلام، ولكن إذا علم أنه
إذا أسلم فإنه لا يطالب بشيء من ذلك سهل عليه الدخول فيه.
أما حقوق الآدميين فلا يسقطها الإسلام؛ تحقيقا للعدل العام.
ثانيهما: أنه كان يسلم عند - صلى الله عليه وسلم - الجم الغفير من الكفار، ولم ينقل إلينا أنه أمر أحداً بأن يقضي ما فاته من صلاة ونحوها من
العبادات.
المذهب الثالث: أن الكفار مكلَّفون ومخاطبون بالنواهي، دون
الأوامر، أي: أنهم مكلَّفون بأن ينتهوا عن المنهي عنه مثل: الزنا،
والقتل، والسرقة، ونحوها، فإن فعل أحد الكفار واحداً من تلك
الأمور فإنه يعاقب كالمسلم، أما الأمور بها كالصلاة والصوم والزكاة
والحج ونحوها، فلا يكلفون بها فلا يعاقبون على تركها.
ذهب إلى ذلك بعض الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أنه لا يمكن الجمع بين الإتيان بالمأمور به كالصلاة،
وبين كفره، وقد سبق بيانه والجواب عنه.
أما الانتهاء عن الشيء فإنه يمكن وهو في حالة كفره؛ حيث لا
يشترط في الانتهاء عن المنهيات التقرب، بل يكتفى بالكف عنه،
فجاز التكليف بالمنهيات، بخلاف المأمور بها فإنه يشترط فيها التقرب
فلا تصح من الكافر.