- فيما سبق - أن الكفار مخاطبون بالإيمان والعقوبات والمعاملات
باتفاق العلماء.
ثانياً: أما عدم وجوب قضاء شيء من العبادات إذا أسلم فقد بيَّنا
- فيما سبق - أن سقوط القضاء عنهم كان لسببين:
الأول: أن - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من أسلم من الكفار بقضاء ما فاتهم مع كثرتهم.
الثاني: قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ".
ثالثاً: أما عدم صحتها إذا فعلها في حال كفر: فلأن المانع من
الصحة موجود، وهو الكفر، لكن يستطيع أن يزيل هذا المانع
وذلك بالإيمان، فإذا فعلها بعد تقديم الإيمان تكون تلك الأفعال
صحيحة، وسبق بيان ذلك.
المذهب الرابع: أنهم مكلَّفون بالأوامر فقط، دون النواهي،
حكى هذا المذهب الزركشي في " البحر المحيط "، ولم ينسبه إلى
قائل، ولم أجد دليللً عليه.
جوابه:
هذا ضعيف؛ لأمرين:
الأول: أنه لا دليل على هذا التفريق، وما لا دليل عليه فلا
يلتفت إليه.
الثاني: أن هذا المذهب يرده ما حكيناه من الإجماع على أن
خطاب الزواجر من الزنا والقذف يتوجه على الكافر والمسلم معاً.
وترده - أيضاً - النصوص التي سقناها - في المذهب الأول -
على أن الكافر مكلَّف مطلقا.