وإنما الخلاف في مقدار العقاب في الآخرة هل يعاقبون على الكفر
فقط، أو يعاقبون عليه وعلى ترك أداء الفروع.
فظهر بهذا أن الخلاف في هذه المسألة لفظي لا أثر له في حق
التكليف في الدنيا؛ حيث إن الخلاف فيها لا يتعلق بالحكم الناجز في
الدنيا الذي هو محل بحث الأصولي والفقيه، فحال الكافر في
الدنيا لا تتغير سواء قلنا بالتكليف أو لم نقل.
الجواب عما ذكره أصحاب القول الأول:
أما ما ذكره أصحاب القول الأول من زيادة العقاب على القول
بتكليفهم، فهذا أمره إلى اللَّه تعالى فهو أعلم به.
أما ما ذكروه من الآثار المترتبة على الخلاف في تكليف الكفار في
الدنيا فلا نسلمها، وذلك لأنه ظهر - بعد تدبرها - أنها ليست في
محل النزاع؛ فأكثرها يدور حول الحكم الوضعي، ولا خلاف في
أن الكفار مخاطبون بخطاب الوضع، وبعضها ثبتت عليهم بسب
أدلة أخرى.
وقد أفردت لهذا المسألة مصنَّفا خاصاً بها وسمَّيته: " الإلمام في
مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام "، وقد فصَّلت في بيان نوع
الخلاف في كتابي الآخر: " الخلاف اللفظي عند الأصوليين "،
فارجع إليهما إن شئت فهما مطبوعان.