اعتراض على هذا:
اعترض أحدهم فقال: يجوز أن يأذن اللَّه تعالى للقرية أن تجيبهم.
جوابه:
نجيب عن ذلك: بأن اللَّه لم يخرج ذلك مخرج المعجزة، وإنما
أخرجه مخرج الخبر، وكل موضع في القرآن ذكر قرية فالمراد به أهل
القرية، مما يدل على ذلك قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (٨) ،
ومعروف أن نفس القرية ما عتت عن أمر ربها، وأنها لا تحاسب
حساباً شديداً، ولا تعذب، وإنما المراد أهل القرية.
٢ - من ذلك قوله تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ) ،
ومعلوم أن الذل ليس له جناح حقيقة، فاستعاره له.
٣ - ومن ذلك قوله تعالى: (جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) ،
ومعروف أن الجدار لا إرادة له؛ لأن الإرادة يوصف بها من كان له
شعور، فاستعار الإرادة للجدار، وأريد به الميل القائم بالجدار.
٤ - ومن ذلك قوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ)
والغائط - حقيقة - يطلق على المنخفض من الأرض، وسمي ما يخرج من
الإنسان من الأذى بالمكان استعارة.
٥ - ومن ذلك قوله: (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) والرأس لا يشتعل.
٦ - ومن ذلك قوله: (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) والمقصود:
حب العجل.
٧ - ومن ذلك قوله: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ)
ومعروف أن الأصنام نفسها لا تضل أحداً.