اعتراض على ذلك:
اعترض بعضهم على ذلك بقوله: إنا نسلم أن الله قد استعمل في
تلك الآيات اللفظ في غير ما وضع له، ولكن لا نسميه مجازاً،
وإنما زيادة، ونقصان، واستعارة، وتقديم، وتأخير.
جوابه:
نجيب عنه بأنا نسميه مجازاً؛ لصدق تعريف المجاز عليه، وأنتم لا
تسمونه بذلك، وتسمونه باسم آخر، فيكون الخلاف في التسمية
واللفظ - فقط - فلا خلاف بيننا وبينكم إذن.
المذهب الثاني: أنه لا يوجد في القرآن مجاز، بل كله حقيقه.
وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره بعض الحنابلة كأبي الحسن
التميمي، وابن حامد، وبعض أهل الظاهر، والروافض.
أدلة أصحاب هذا المذهب:
الدليل الأول: أن القرآن حق، والحق لا يكون إلا حقيقة، فلا
يدخله المجاز.
جوابه:
نقول - في الجواب عنه -: لا نُسَلِّمُ لكم ذلك فقد يكون باطلاً،
ويكون حقيقة مثل: أن فرعون أخبر اللَّه تعالى عنه في القرآن قائلاً:
(وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب) ،
ومعلوم أن هذا باطل وإن كان حقيقة.
وقد يكون حقاً ولا يكون حقيقة مثل ما قال - صلى الله عليه وسلم -:
"يا أنجشة رفقاً بالقوارير " يقصد النساء، ومعروف أن كلام - صلى الله عليه وسلم - حق، لكن ليس هو حقيقة؛ لأن القوارير هي غير النساء.