دليل هذا المذهب:
قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا) ، حيث إن
هذه الآية دلت على أن الكتاب كله متشابه، ولا يوجد فيه محكم.
جوابه:
نجيب عنه بأن المقصود بالآية: أن الكتاب متشابه أي: أن بعضه
يصدق بعضه الآخر، وذلك لتشابه معانيه، فهو غير متناقض.
وهذا لا نبحث فيه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف بين المذاهب لفظي، لأنه اتضح خلال عرض أدلة المذهب
الثاني والثالث أنهم تكلموا وبحثوا في أمور ليس لها صلة فيما نحن
فيه، فهم في الحقيقة لم يخالفوا فيما نحن فيه.
***
المسألة الثانية: تعريف المحكم والمتشابه لغة:
أولاً: المحكم لغة: المتقن، يقال: " أحكمت الشيء أحكمه
إحكاماً ": إذا أتقنته، فكان في غاية ما يبتغي من الحكمة، ومنه:
" بناء محكم " أي: متقن وثابت يبعد انهدامه.
وهذا هو أقرب المعاني اللغوية لمقصود الأصوليين للمحكم هنا.
وقيل: المحكم هو: الرد والمنع، يقال: " أحكمت " أي:
رددت ومنعت، وسمي الحاكم حاكماً: لمنعه الظالم من الظلم،
وسمي لجام الفرس حكمة؛ لأنه يمنع الفرس من الاضطراب.
ثانيا: المتشابه لغة: الملتبس بغيره، مأخوذ من الشَّبه - بفتح الشين
والباء - والشبيه هو: ما بينه وبين غيره أمر مشترك فيشتبه ويلتبس به.