ثانيهما: أن الشيء قد يكون حسنا في وقت، وقبيحاً في وقت
آخر، فإذا أمر اللَّه تعالى في هذا الوقت بحكم فإنه يكون حسنا وفيه
مصلحة للعباد، وإذا نهى عنه في وقت آخر يكون قبيحاً وفيه مفسدة
على العباد، وهذا ليس فيه انقلاب الحسن إلى القبيح لمن دقق فيه.
التعريف الثاني: أن النسخ: النص الدال على انتهاء أمد الحكم
الشرعي مع التأخير عن مورده.
اختاره: الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وإمام الحرمين، وفخر
الدين الرازي، والقرافي، وجماعة من المعتزلة، ونسب إلى الفقهاء.
شرح التعريف:
إن الحكم المنسوخ مغيا بغاية معينة ينتهي إليها، وله مدة معلومة
محدودة، فإذا جاءت تلك الغاية ينتهي العمل به بذاته، والنسخ
كشف هذا الانتهاء.
فأصحاب هذا التعريف يجعلون النسخ بيانا، أي: أن الخطاب
الثاني بين وكشف أن الأزمنة بعده لم يكن ثبوت الحكم فيها مراداً من
الخطاب الأول، كما أن التخصيص في الأعيان كذلك.
سبب اختيار هؤلاء لهذا التعريف:
إن هؤلاء اختاروا هذا التعريف وعدلوا عن التعريف الأول لسبب
وهو: أن الحكم راجع إلى كلام اللَّه - تعالى - وهو قديم،
والقديم لا يرفع ولا يزال.
جوابه:
نجيب عنه بأن المرفوع ليس نفس الخطاب، بل إن المرفوع هو
تعلق الخطاب بالمكلف فقط، وقد بيَّنا ذلك فيما سبق.