فإن الآية الناسخة هي الأولى مع تقدمها في
المصحف عن الآية المنسوخة.
المذهب الثاني: أن المتأخر في الترتيب والإثبات في المصحف
ناسخ للمتقدم في ذلك، ذهب إلى ذلك بعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن تأخر النص في ترتيب المصحف دليل على تأخره في النزول،
والمتأخر في النزول ينسخ المتقدم.
جوابه:
يجاب عنه بأن هذا ليس على إطلاقه، بل قد يكون المتقدم في
ترتيب المصحف متقدماً في النزول، والمتأخر في الترتيب متأخراً في
النزول، وقد يكون المتقدم في الترتيب متأخراً في النزول كما مثلنا.
الطريق الثالث: كون أحد النصين المتعارضين موافقا للبراءة
الأصلية والآخر مخالفاً لها، هل يثبت به النسخ؛ لقد اختلف في
ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن هذا الطريق لا يثبت به النسخ.
وهو مذهب الجمهور، وهو الصحيح؛ لأن جعل أحد النصين
بعينه متقدماً والآخر بعينه متأخراً ليس بأولى من العكس؛ لعدم
وجود المرجح الصحيح، والموافقة والمخالفة للبراءة لا تصلح أن
تكون مرجحاً.
المذهب الثاني: أن هذا الطريق يثبت به النسخ.
ذهب إلى ذلك بعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن النص الموافق للبراءة متأخر عن النص المخالف لها لكونه مفيداً