للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليل هذا المذهب:

لقد استدل أصحاب هذا المذهب بقولهم: إنه لا سبيل لإدراك

علم من العلوم إلا طريق الحواس الخمس - وهي: السمع،

والبصر، واللمس، والشم، والذوق - والمتواتر ليس منها، فلا

يفيد العلم إلا إذا انضم إليه بعض القرائن، أما الخبر المتواتر بمجرده

فلا يفيد العلم.

جوابه:

يجاب عنه: بأن هذا باطل من وجهين هما:

الوجه الأول: أن حصركم مدركات العلوم بالحواس الخمس فقط

منتقض بالأمور التي تدرك بالعقل المحض، كعلمنا بأن الاثنين نصف

الأربعة، وعلمنا بأن الضدين - كالسواد والبياض - يستحيل

اجتماعهما.

ومنتقض أيضا بالمشاهدات الباطنة مثل علم الإنسان بجوع نفسه.

ومنتقض أيضاً بالتجريبيات وهي: اطراد العادات مثل كون النار

محرقة.

وإذا ثبت أن هناك طرقاً تفيد العلم - غير الحواس الخمس - فإنه

يبطل حصركم مدركات العلوم بالحواس الخمس فقط.

الوجه الثاني: أنكم قلتم: إن العلوم لا تدرك إلا عن طريق

الحواس الخمس - فقط - فمن أين علمتم ذلك؟ ولا علم لكم

بذلك إلا عن طريق العقل.

أي: أنكم حصرتم إدراك العلوم بهذه الخمس عن طريق العقل،

وهنا قد أقررتم بطريق - وهو العقل - تدرك به العلوم غير الحواس