للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمشاهدات الباطنة، كالعلم بجوع نفسه وعطشه، ونحو ذلك ولا

فرق بينها.

ثبت ذلك بأدلة هي كما يلي:

الدليل الأول: أنه لو كان العلم الحاصل عن التواتر نظريا لم يقع

إلا لمن هو من أهل النظر والاستدلال والاكتساب كالعلماء، وللزم

اختلاف الناس فيه " فعلمه بعضهم وجهله آخرون بسبب اختلافهم في

النظر والأدلة.

لكن لما وقع العلم الحاصل من المتواقي لغير أهل النظر والاستدلال

كالعوام، والصبيان، والنساء، كما وقع لأهل النظر، واشترك

الجميع في ذلك، ثبت أن العلم الحاصل عن المتواتر ليس نظريا،

فثبت أنه ضروري.

الدليل الثاني: أن كل عاقل يجد من نفسه العلم بوجود مكة

والبلاد النائية - التي لم يدخلها - عند سماعه لخبر المتواتر بها، مع

أنه لا يجد من نفسه سابقة فكر ولا نظر.

فعلمنا بذلك أن العقل مضطر إلى التصديق بما ينقل إلينا بخبر

المتواتر، ولو كان العلم من المتواتر قد حصل عن طريق النظر: لما

اضطررنا إلى العلم به إلا بعد النظر والاستدلال والقرائن.

المذهب الثاني: أن العببم الحاصل بالمتواتر نظري.

ذهب إلى ذلك بعض العلماء كأبي بكر الدقاق، وابن القطان،

وأبي الحسين البصري، وأبي القاسم الكعبي، وأبي الخطاب الحنبلي

إلا أن الأخير لم ينص عليه في " التمهيد "، لكنه نصره بالأدلة

وأجاب عن أدلة أصحاب المذهب الأول.