للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليل هذا المذهب:

استدل على هذا المذهب بأنه لو كان العلم الحاصل من المتواتر

ضرورياً لما احتاج إلى النظر، ولكنه احتاج إلى النظر، فيكون نظريا.

ويدل على ذلك: أن خبر المتواتر لم يفد العلم بنفسه، بل حصل

هذا العلم بواسطة مقدمتين هما:

المقدمة الأولى: أن هؤلاء المخبرين مع اختلاف أحوالهم، وتباين

أغراضهم، وكثرتهم لا يجمعهم على الكذب جامع، ويستحيل

عادة تواطؤهم على الكذب.

المقدمة الثانية: أن هؤلاء قد اتفقوا عن الإخبار عن واقعة واحدة

كوجود الهند مثلاً.

فالعلم بصدق الخبر المتواتر قد توصلنا إليه عن طريق مجموع

هاتين المقدمتين.

فيقال مثلاً: وجود الهند قد أخبر به جمع يمتنع تواطؤهم على

الكذب عادة، وكل ما أخبر به جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب،

فهو معلوم، فوجود الهند معلوم، وهذا هو العلم النظري؛ حيث

نظرنا في هاتين المقدمتين واستدللنا بهما على ثبوت العلم بوجود

الهند.

وهاتان المقدمتان تشعر النفس بهما وإن لم يكونا بلفظ منظوم.

جوابه:

يجاب عنه: بأن هذا ضعيف، لأن المقدمات التي يتوقف حصول

هذا العلم على النظر فعها حاصلة في أوائل الفطرة، وهذا لا يحتاج

إلى كبير تأمل وفكر، ومثل ذلك لا يسمى نظرياً؛ لأن النظري هو

الذي يتوقف على أهلية النظر، وليس هذا من هذا الباب.