كذلك فإنه يمكننا أن نستفيد العلم بأخبار الكفار - كما لو أخبروا عن
موقعة وقعت في السوق - كما يمكن أن نستفيد العلم بأخبار
المسلمين، ولا فرق بجامع: الكثرة المانعة من التواطؤ على الكذب،
فكثرة المخبرين جعلته في مرتبة قوية في إفادته للعلم، فلا يحتاج إلى
شيء يقويه كالإسلام والعدالة.
المذهب الثاني: أنه يشترط في التواتر أن يكون المخبرون مسلمين
وعدولاً، فلا يقبل من الكفار، ولا من الفساق.
ذهب إلى ذلك بعض الشافعية كعبد اللَّه بن عبدان ذكره في كتابه
" الشرائط ".
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الكفر عرضة للكذب والتحريف، والإسلام
والعدالة ضابطان للصدق والتأكد من الأخبار.
جوابه:
يجاب عنه بأن الكثرة هي المانعة من التواطؤ على الكذب،
فلذلك نستفيد العلم بأخبار العدد الكثير، ولا فرق فى ذلك بين
المسلمين والكفار.
ولذلك لما لم يكن في خبر الواحد كثرة اشترطنا الإسلام
والعدالة؛ لأن العدد القليل الذي لم يبلغ حدَّ التواتر لو أخبر عن
شيء فإنه لا يفيد العلم؛ لأنه يمبهن تواطؤهم على الكذب.
الدليل الثاني لهم قالوا فيه: إن المسلمين اختصوا بدلالة الإجماع
على القطع، فوجب أن يختصوا بالمتواتر.