صدقه: فيجوز أن تختلف الوقائع فيه والأشخاص؛ لاختلاف
الهيئات المقارنة للخبر الموجبة لتعريف متعلقه، ولاختلاف أحوال
المخبرين في اطلاعهم على قرائن التعريف، ولاختلاف إدراك
المستمعين؛ لتفاوت الأذهان والقرائح، ولاختلاف الوقائع على
عظمها وحقارتها.
وإن كان العلم الحاصل بالتواتر لم تقترن به قرائن، بل حصل من
نفس خبر ذلك العدد المجرد: فإنه لا يتصور أن يختلف في الوقائع
والأشخاص.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن مجرد الإخبار
يجوز أن يورث العلم عند كثرة المخبرين، وإن لم توجد قرائن،
وكذلك مجرد القرائن قد تورث العلم، وإن لم يوجد إخبار، فلا
يبعد أن تنضم القرائن إلى الإخبار، فتقوم بعض القرائن مقام بعض
العدد من المخبرين.
ومثال الخبر بدون قرائن: أنه لو أن عشرة أشخاص قد أخبروا زيداً
ومحمداً بأن بكراً قد نجح، فإنه يحصل العلم بهذا العدد عند الاثنين
معا على السواء؛ لعدم وجود قرينة عند أحدهما دون الآخر.
ومثال الخبر المقترن بقرينة: لو أخبر واحد محمدأ وزيداً بأن بكرأ
قد مات، وكان محمد يعلم - قبل الإخبار - بأن بكراً مريض دون
زيد، فإنا نعلم بأن محمداً قد حصل له العلم الموجب للتصديق،
وسبب ذلك: هذه القرينة، وهي: علمه بمرض بكر، ولم يحصل
ذلك لزيد.
وأيضا: فإنا نرى الصبي - الذي لم يتجاوز السنتين - يرضع من
ثدي المرأة الشابة، فيحصل لنا العلم بأن اللبن قد وصل إلى معدة