للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الصبي وإن لم نشاهد اللبن في الثدي، ولم نشاهده عند خروجه،

ولم نشاهده في المعدة؛ لأنه مستور، لكن قطعنا بوصول اللبن إلى

معدة ذلك الصبي بسبب قرائن هي كما يلي: " حركة حلق الصبي

أثناء امتصاصه للبن "، و " أن المرأة الشابة لا يخلو ثديها من لبن "،

و" أن هذا الثدي فيه ثقب يخرج منه اللبن "، و " أن الصبي فيه القوة

على الامتصاص "، و " أن الصبي قد سكت عن البكاء بعد ذلك

الامتصاص مع أنه لم يتناول طعاما آخر ".

هذه قرائن قد حصل لنا العلم القطعي عن طريقها مجتمعة على أن

ذلك اللبن قد وصل إلى معدة ذلك الصبي، وإن لم نشاهده، لكن

لو انفردت قرينة واحدة كحركة حلق الصبي، فإنا لا نحكم بوصول

اللبن إلى معدته؛ لأنه قد يوجد سبب آخر لهذه الحركة غير

الامتصاص.

المذهب الثاني: أن الخبر المفيد للعلم في واقعة يفيده في كل

واقعة، وإذا حصل العلم لشخص فلا بد أن يحصل لكل شخص

يشاركه في السماع، ولا يتصور أن تختلف فيه الوقائع والأشخاص

بسبب وجود قرائن ودلائل، فلا يلتفت إلى تلك القرائن، ولا

يجعل لها أثراً في تصديق الخبر.

ذهب إلى ذلك أبو بكر الباقلاني، وأبو الحسين البصري.

دليل هذا المذهب:

استدل أصحاب هذا المذهب بقولهم: إن حكم المتماثلين واحد،

فلو أن مائة شخص أخبروا محمداً بأن زيداً قد قتل وحصل العلم

بخبرهم وجب أن يفيد عليا خبر مائة شخص بأن صالحا قد قتل؟

وذلك لاستواء الوقائع والأشخاص في ذلك.