جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا صحيح إذا كان الخبر مجرداً عن القرائن،
فإنا نوافقكم بأن ما حضَل العلم في واقعة فإنه يفيده في كل واقعة،
وما حصَّله لشخص فإنه يحصتَله لكل شخصٍ يشاركه في السماع،
ولا يمكن أن يختلف، وبينا ذلك.
لكن إذا كان الخبر قد احتف به قرائن وعلم بها بعض السامعين
للخبر دون بعض، فإنا لا نُسَلِّمُ لكم ذلك كما بينا فيما سبق.
المسألة العاشرة: حكم كتمان أهل التواتر لما يحتاج إلى نقله:
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجوز على أهل التواتر، والجماعة العظيمة
أن يكتموا ما يحتاج الخلق إلى نقله ومعرفته.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن كتمان ما
يحتاج إلى نقله ومعرفته قبيح، وهو في القبح بمثابة الكذب - وهو:
الإخبار عن الشيء بخلاف الواقع - والكذب محال على أهل
التواتر والجماعة العظيمة؛ لاستحالة تواطؤ أهل التواتر على الكذب.
فلما لم يجز على أهل التواتر الكذب: كذلك لم يجز أن
يجتمعوا على كتمان نقل ما يحتاج الناس إلى نقله ومعرفته، ولا
يجوز أن يتواطؤ عليه.
يؤيد ذلك: أنه لو حدث في الجامع وقت الصلاة حادثة عظيمة
تظهر لجميع من حضر لم يجز أن يترك نقلها جميع من حضر، كما
لا يجوز أن يخبر عنها جميعهم بالكذب.