الحديث ولا تميزه من مسموعاته والتبس عليه، فالحكم والحالة هذه
أنه لا يجوز أن يروي شيئاً من جميع تلك الأحاديث المائة.
دليل ذلك: أن الرواية عنه تعتبر شهادة عليه، والشهادة لا تجوز
مع الشك والتردد، فهنا ما من حَديث إلا ويمكن أن يكون هو الذي
لم يسمعه من شيخه، فلذلك يتركها جميعها احتياطا.
ثاني والعشرون: ما الحكم إذا غلب على ظنه في حديث أنه
مسموع من شيخه؛
إذا غلب على ظن الراوي أن حديثاً قد سمعه من شيخه - ولكنه
لم يقطع بذلك، فهل يجوز أن يرويه أو لا؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: يجوز أن يرويه.
وهو مذهب جمهور العلماء.
وهو الحق؛ لأن الراوي العدل الثقة إذا غلب على ظنه وجود
شيء فهو صدق يجب العمل على مقتضاه في حين أنه لا معارض
لذلك، وغالب الأحكام مبناها على غلبة الظن، وهذا منها: فإن
الراوي العدل الثقة قد غلب على ظنه أنه سمع الحديث من شيخه،
فعليه أن يعمل بذلك فيرويه؛ عملاً بغلبة الظن.
المذهب الثاني: أنه لا يجوز أن يرويه، أي: لا يجوز للراوي أن
يروي حديثاً قد غلب على ظنه أنه سمعه من شيخه، بل لا بد من
الجزم في ذلك وإلا يتوقف.
ذهب إلى ذلك بعض العلماء، ومنهم الغزالي في " المستصفى".