دليل ذلك: أن كل واحد منهما - أعني: الشيخ والفرع الراوي
عنه - موصوف بالعدالة والثقة، وكل منهما مكذب للآخر فيما
يدعيه، فلا بد أن يكون أحدهما - غير معين - كاذب، وهذا
موجب للقدح في الحديث.
لكن ذلك لا يوجب جرح واحد منهما على التعيين؛ لأنه وقع
الشك في كذبه، والأصل العدالة، وهي متيقنة، فلا يترك اليقين
بالشك.
وفائدة ذلك: تظهر في قبول رواية كل واحد منهما في غير ذلك
الحديث الذي أنكره الشيخ، هذا إذا كان الإنكار صريحاً.
رابع وعشرون: ما الحكم إذا أنكر الشيخ الحديث إنكاراً غير
صريح وهو التوقف؟
إذا أنكر الشيخ الحديث إنكاراً غير صريح بأن يقول - مثلاً -:
"لست أذكر ذلك الحديث "، أو نحو ذلك: فقد اختلف العلماء هل
يقدح ذلك الإنكار في الحديث فلا يقبل، أو لا يقدح فيقبل؛ على
مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يقدح في الحديث، بل يقبل ويُعمل به.
ذهب إلى دلك الإمام مالك، والشافعي، وأحمد في رواية عنه،
وجمهور العلماء، وبعض الحنفية كمحمد بن الحسن.
وهو الصحيح عندي، لدليلين:
الدليل الأول: أن الراوي - وهو الفرع - موصوف بالعدالة
والثقة، وقد روى هذا الحديث، وقد جزم بهذه الرواية عن الشيخ
في حين أن الشيخ لم يكذبه، ولم ينكر حديثه على وجه العزم، بل