الأصل الشهادة وقالا: لا نذكر ولا نحفظ شيئاً: ففي هذه الحالة لا
يجوز للحاكم العمل بشهادة شاهدي الفرع، فكذلك هنا في
الرواية، فإن الأصل - وهو الشيخ المروي عنه - لم يصدِّق الفرع -
وهو الراوي عنه، وإنما توقف في ذلك ونسي ما رواه الفرع عنه،
فلا يجوز العمل بروايته عنه بجامع: الفرعية والنسيان في كل منهما.
جوابه:
يجاب عنه: بأنكم قستم الرواية على الشهادة في ذلك، وهذا
القياس فاسد؛ لأن قياس مع الفارق؛ حيث إنا بينا - فيما سبق -
أن الشهادة تفارق الرواية وتختلف عنها في أمور كثيرة؛ فباب الشهادة
أضيق من باب الرواية وأغلظ حكماً، وقد اعتبر في الشهادة من
الاحتياط والشروط والقيود ما لم يعتبر في الرواية، فكيف يقاس
أحدهما على الآخر مع الاعتراف بتلك الفروق.
ومن هذه الفروق بينهما - مما يخص الموضوع الذي نحن
بصدده -: أن شهادة الفرع - وهو الذي شهد على شهادة الأصل - لا
تسمع مع وجود شاهد الأصل والقدرة على سماع الشهادة منه مباشرة
على مذهب جمهور العلماء.
بخلاف الرواية: فإن رواية الفرع تسمع وتقبل ويعمل بها مع
القدرة على السماع من الأصل وهو الشيخ.
دل على ذلك ما يلي:
١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل رسله وسعاته أفراداً وجماعات إلى القبائل، وأطراف البلدان، فيخبرون المسلمين في هذه البلدان بما جد من الأحكام الشرعية، فكان هؤلاء يسمعون ذلك ويلزمون أنفسهم