وهو ما ذهب إليه الظاهرية، ونسبه ابن عبد البر إلى أصحاب
الحديث، وهو رواية عن الإمام أحمد.
أدلة هذا المذهب:
استدل أصحاب هذا المذهب بالدليلين السابقين اللذين استدل بهما
أصحاب المذهب الرابع، وقد سبق الجواب عنهما.
وزادوا دليلاً ثالثاً وهو: أنه لو جاز العمل بالحديث المرسل لم
يكن لذكر أسماء الرواة والبحث عن عدالتهم فائدة ولا معنى؛ حيث
إن الناس قد تكلفوا حفظ الأسانيد في باب الأخبار، وضبطها، فلو
لم يكن لذلك فائدة - وهي الاطلاع على عدالة جميع رواة
الحديث -: لما اشتغلوا به، نظراً لتساوي الإسناد والإرسال.
جوابه:
يجاب عنه: بأن ذكر أسماء الرواة له فائدتان، هما:
الأولى: أن المخبر قد يشتبه عليه حال من يخبره، فلا يقدم على
تعديله ولا على تجريحه، فيذكره ليتفحص فيه غيره.
الفائدة الثانية. الاحتياط لنفسه، أي: أن الراوي يذكر من يخبر
عنه؛ لا لأنه شك في عدالته، بل يذكره مع أنه يعدله ليتمكن
السامع من الاطلاع على ذلك الراوي، فقد يكون عدلاً عند من
ذكره، بينما يكون مجروحاً عند غيره، فيذكره الراوي احتياطا.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي، لأن أصحاب المذاهب قد
اتفقوا على أن مرسل العدل الثقة مقبول، وعلى أن مرسل غير العدل
غير مقبول.