أما إذا لم يكن ذلك القول الثالث المحدث رافعا لما اتفق عليه
الأولون، فلا يكون إحداثه مخالفا للإجماع، فلا مانع منه،
ويجوز؛ لأن المسألة تكون اجتهادية؛ فالمحذور وهو مخالفة الإجماع
لم يقع.
المذهب الثاني: أن إحداث قول ثالث لا يجوز مطلقا.
وهو مذهب كثير من العلماء.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن اختلافهم على القولين اتفاق منهم على عدم
القول الثالث، فلم يجز إحداثه، وإلا لزم مخالفة الإجماع.
جوابه:
إن القول الثالث المحدث إن لم يرفع القولين، فلا يلزم منه
مخالفة الإجماع، وإذا لم يخالف ما اتفق عليه، فلا مانع منه،
كما قلنا فيما سبق.
الدليل الثاني: لو جاز إحداث القول الثالث: للزم تخطئة
الفريقين القائلين للقولين، وهم كل الأُمَّة، فيلزم من ذلك تخطئة
كل الأُمَّة، وهو غير جائز.
جوابه:
إن الممتنع تخطئة كل الأُمَّة فيما اتفقوا عليه على قول واحد، أما
ما اختلفوا فيه فغير ممتنع، ونحن لما فصَّلنا في مذهبنا لم نخرج عن
القولين السابقين، لذلك لا يعتبر القول الثالث المحدث تخطئة مطلقا.
المذهب الثالث: أن إحداث قول ثالث يجوز مطلقا.
وهو مذهب بعض الظاهريهّ، وبعض الشيعة.