للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الرابعة: إذا استدل علماء العصر بدليل أو تأولوا

تأويلاً ولم يصرحوا بشيء، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث دليل

أو تأويل آخر؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يجوز لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل آخر

بشرط: أن لا يلزم من هذا الدليل أو التأويل القدح فيما أجمعوا

عليه.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق عندي؛ لدليلين:

الدليل الأول: القياس على الاستدلال على مسألة لم يسبق أن

استدل عليها، بيانه: أنه كما أنه يجوز الاستدلال على مسألة لم

يسبق أن استدل عليها أو أُولت، كذلك هنا يجوز إحداث دليل أو

تأويل آخر، والجامع: أنه لا يلزم من هذا الاستدلال قدح في

إجماع قد سبق.

الدليل الثاني: الوقوع؛ حيث إنه ما زال علماء كل عصر

يستخرجون الأدلة والتأويلات المغايرة لأدلة من تقدم وتأويلاته، ولم

ينكر عليهم أحد، فكان ذلك إجماعاً.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل آخر

مطلقاً.

ذهب إلى ذلك بعض العلماء.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) .