للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وهو الحق؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: أنه لو اشترط لانعقاد الإجماع أن ينص كل واحد

منهم على رأيه بصراحة لأدى ذلك إلى عدم انعقاد الإجماع أبداً؛

لأنه يتعذر اجتماع أهل كل عصر على قول يسمع منهم، والمتعذر

معفو عنه؛ ل قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ،

والمعتاد في كل عصر أن يتولى كبار العلماء إبداء الرأي، ويُسلِّم

الباقون لهم، فثبت بذلك: أن سكوت الباقين دليل على أنهم

موافقون على قول من أعلن رأيه في المسألة، فكان إجماعاً وحُجَّة.

الدليل الثاني: الوقوع؛ حيث إن المجتهدين من التابعين إذا

حدثت حادثة بينهم، ولم يجدوا حكماً لها في نص، ووجدوا قولا

فيها لصحابي، وعلموا أن هذا القول قد انتشر، وسكت بقية

الصحابة عن الإنكار، فإن التابعين لا يجوزون العدول عن ذلك

القول، بل يعملون به؛ بناء على أنه قول قد أجمع عليه.

الدليل الثالث: قياس المسائل الاجتهادية على المسائل الاعتقادية،

بيان ذلك:

أنه قد ثبت أن العلماء قد أجمعوا على أن السكوت معتبر في

المسائل الاعتقادية، أي: سكوت الساكت في العقيدة يدل على

رضاه؛ لأنه لا يحل السكوت فيها على باطل، فيقاس عليها المسائل

الاجتهادية، والجامع: أن الحق واحد، فلا يحل له السكوت في

الأمور الاجتهادية إذا كان عنده بخلاف ما أعلن؛ لأن الساكت - عن

الحق شيطان أخرس؛ لأن الحكم لو كان عنده بخلافه: لكان

سكوته تركاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا بخلاف ما

شهد اللَّه به لهذه الأمَّة من أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،