للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو تصور منهم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأدَّى ذلك إلى

الخلف في كلامه سبحانه وتعالى، وهو محال، فوجب أن نحمل

سكوت الساكت على أنه موافق لما أعلنه ذلك المجتهد، وهو الذي

تدل عليه عدالته.

المذهب الثاني: أن ذلك ليس بإجماع ولا حُجَّة.

وهو مذهب داود الظاهري، وابنه محمد، وابن حزم،

والمرتضى، وينسب إلى القاضي الباقلاني وعزاه للشافعي، وممن

نسبه إلى الإمام الشافعي أيضاً كثير من الشافعية كالآمدي، وفخر

الدين الرازي، وقال إمام الحرمين: إنه ظاهر مذهب الشافعي،

واختاره الغزالي في " المستصفى "، والرازي في " المحصول "،

والبيضاوي في " المنهاج "، وغيرهم.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن مذهب المجتهد يعلم بقوله الصريح الذي لا

يتطرق إليه أي احتمال، أما سكوت الساكت فإنه يحتمل أنه سكت

لكونه راضيا بالحكم الذي أعلنه ذلك المجتهد.

ويحتمل أنه سكت، لأنه لم يجتهد في المسألة الحادثة، بل تركها.

ويحتمل أنه اجتهد فيها، ولكنه سكت؛ لأنه لم يتوصل إلى

حكم معين فيها.

ويحتمل أنه اجتهد فيها، وتوصل إلى حكم معين مخالف لرأي

المجتهد المعلن، ولكنه لم يظهره، تقية ومخافة.

ويحتمل أنه اجتهد فيها، وتوصل إلى حكم مخالف لرأي المجتهد

المعلن، ولكنه سكت لعارض طرأ عليه لم يظهره لنا.