ويحتمل أنه اجتهد فيها، وتوصل إلى حكم مخالف لرأي المجتهد
المعلن، ولكنه سكت، لاعتقاده أن كل مجتهد مصيب.
ويحتمل أنه اجتهد فيها، وتوصل إلى حكم مخالف لرأي المجتهد
المعلن، ولكنه سكت، لأنه يرى أن قول ذلك المجتهد جائزاً، وإن
لم يكن هو موافقاً عليه، بل كان يعتقد خطأه.
وإذا كان السكوت يحتمل هذه الاحتمالات، فلا يدل السكوت
على الرضا لا قطعاً، ولا ظاهراً، وهو معنى قول الإمام الشافعي
- رحمه اللَّه -: " لا ينسب لساكت قول "، وإذا كان الأمر كذلك
فلا يكون سوتهم مع انتشار قول المجتهد المعلن له إجماعاً ولا حُجَّة.
جوابه:
إنه إذا سكت المجتهد بعد أن يعلن المجتهد الآخر رأيه مدة يستطيع
من خلالها التفكر في المسألة، فإن سكوته يدل على رضاه بذلك
الرأي المعلن، فيكون إجماعاً وحُجَّة.
أما الاحتمالات التي ذكرتموها فلا نسلمها، وإليك بيان ذلك:
أما الاحتمال الأول - وهو أنه سكت لعدم اجتهاده في المسألة -
فلا يقبل ولا يجوز؛ لأمرين:
أولهما: أن عدم اجتهاد العالم في الحادثة خلاف عادة العلماء
عند نزول الحوادث.
ثانيهما: أن عدم اجتهاد العالم في الحادثة يؤدي إلى خلو العصر
من حُجَّة اللَّه - تعالى -، لأنا إذا جوزنا أن يكون المجتهد المعلن
لرأيه قد أخطأ، والمجتهد الساكت لم يجتهد فقد خلا العصر من
حُجَّة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:
" لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يرد عليّ ".