أما الاحتمال الثاني - وهو: أنه اجتهد، ولكن لم يتوصل فيها
إلى حكم -.
فهذا بعيد؛ لأمرين هما:
الأمر الأول: أنه يبعد عدم وصول المجتهد إلى حكم معين في
تلك الحادثة مع توفر الدواعي للاجتهاد، وظهور الدلائل.
الأمر الثاني: أن احتمال عدم وصول المجتهد إلى حكم معين
يؤدي إلى خلو العصر عن القائم بحُجَة اللَّه تعالى؛ لأنا إذا فرضنا
أن يكون المجتهد المعلن لمذهبه قد أخطأ فيه، والجتهد الساكت لم
يصلِ إلى حكم معين فيها، فإنه يخلو العصر عن قائم لله تعالى
بحجته.
أما الاحتمال الثالث - وهو: أنه لما توصل إلى حكم فيها لم
يظهره تقية - فهو بعيد؛ لأمرين:
الأمر الأول: أنه عرف من عادة المجتهدين الذين يفعلون مثل ذلك
أن يظهر قوله ورأيه عند ثقاته وخاصته، ثم بعد مدة قصيرة ينتشر
القول ويعرف.
الأمر الثاني: أنه إذا سكت حتى ينقرض العصر، فإما أن يموت
من يتقيه، أو يموت هو قبل من يتقيه.
فإن مات من يتقيه قبل الساكت، فيجب - حينئذ - على الساكت
أن يظهر قوله ورأيه، كما قال ابن عباس - حين توفي عمر -: إن
المال لا يعول "، فقيل له: لِمَ لم تقل ذلك في زمن عمر؛ فقال:
"هبته ".
وإن مات الساكت قبل من يتقيه فينعقد الإجماع.