أما الاحتمال الرابع - وهو: أنه لما توصل إلى حكم فيها لم
يظهره لعارض - فهو بعيد - أيضاً -؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن هذا خلاف الظاهر من عادة العلماء وأهل الحق.
الأمر الثاني: أن سكوت المجتهد من أجل عارض غير معروف:
يؤدي إلى خلو العصر عن قائم لله تعالى بحجته؛ لأن هذا المجتهد
إذا سكت، وذاك المجتهد المعلن لرأيه قد أخطأ في رأيه، فإنه يخلو
العصر من حُجَّة.
أما الاحتمال الخامس - وهو: أنه سكت؛ لاعتقاده أن كل
مجتهد مصيب -.
والاحتمال السادس - وهو: أنه سكت؛ لأنه لا يرى الإنكار في
المجتهدات - فهما بعيدان - أيضا -؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن من عادة من يعتقد أن كل مجتهد مصيب يأخذ
بمذهب، ويخالف غيره فيه، ويناظر غيره، ويبين أن مذهبه هو
الصحيح بخلاف مذهب غيره.
الأمر الثاني: أن هذا لم يقع ولم يوجد في عصر الصحابة، ولم
ينقل إلينا أن واحداً من الصحابة سكت عن الإنكار لهذين الفرضين،
حيث إن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - ومن سار على نهجهم من
العلماء الذين سلكوا طريق النصح، وتركوا الغش كانوا ينكر
بعضهم على بعض، ويتناظرون، ويتجادلون لتحقيق الحق، وإبطال
الباطل كمناظرتهم في مسألة " الجد والإخوة " حتى أن ابن عباس
- رضي اللَّه عنه - قال: " ألا يتقي اللَّه زيد يجعل ابن الابن ابنا،
ولا يجعل أب الأب أبا "، وقال معاذ لعمر - حين عزم على جلد
الحامل -: " إن جعل اللَّه لك على ظهرها سبيلاً، فما جعل الله