دليل هذا المذهب:
أن سكوت الباقين يدل دلالة ظاهرة على الموافقة فيكون قول ذلك
المجتهد المعلن مع سكوت الباقي من المجتهدين عن الإنكار - مع
قدرتهم على ذلك - حُجَّة يجب العمل به كخبر الواحد والقياس.
وإنما لم نقل إنه إجماع، لأن سكوت الباقي من المجتهدين يحتمل
تلك الاحتمالات الستة السابقة الذكر فأثرت على وصوله إلى درجة
الإجماع.
جوابه:
إن هناك قاعدة وهي: " أن كل احتمال لا يُعضد بدليل صحيح
فلا يُعتبر "، والاحتمالات الستة السابقة الذكر قد بينا بُعْدَها، وعدم
صحتها، فثبت من إبطالها: أن سكوتهم يدل على رضاهم بالقول
الذي أعلنه ذلك المجتهد - لا سيَّما وأنه لا مانع من إعلان
مخالفتهم - وإذا كان الأمر كذلك فيكون ذلك إجماعاً وحُجَّة.
تنبيه: هناك مذهب رابع وهو: التفصيل بين الفتوى والحكم:
فإن كان السكوت إثر فتوى مجتهد - فقط -: فهو إجماع؛ لعدم
سلطته، وإن كان السكوت إثر حكم حاكم فليس بإجماع.
وهناك مذهب خامس وهو: عكس الرابع.
وهناك مذهب سادس، وهو: التفصيل بين ما يفوت استدراكه،
وبين ما لا يفوت: فإن وقع في شيء يفوت استدراكه من إراقة دم أو
استباحة فرج: كان سكوت الساكتين إجماعا، وإن وقع في غير
ذلك: كان سكوتهم حُجَّة فقط.