للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبعوث بها؛ لأن أكثر الشريعة قد أتى بها ذلك النبي، وقد تتفق في

بعض الأحكام القليلة مع شريعة نبي آخر، فلا ينظر إلى هذا الأقل،

وإنما الحكم للأكثر.

مثل قولهم: " لحية زيد سوداء "، فهذا صحيح مع أن بها عدداً

من الشعيرات البيضاء، فأطلق عليها بأنها سوداء نظراً إلى الأكثر.

الدليل الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان متعبداً بشرائع من قبله للزمه البحث عنها، والعمل بها، ولوجب ألا ينتظر الوحي ولا يتوقف

في حكم الظهار، واللعان، والمواريث؛ لأن هذه الحوادث

أحكامها في التوراة ظاهرة، ولكنه - مع ذلك - لم يرجع إليها مما

يدل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا.

جوابه:

إن تلك الشرائع السابقة لو كانت ثابتة بطريق يوثق به لرجع إليها

النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الحق: أن تلك الشرائع السابقة لم تصلنا بطريق موثوق به، بل قد بُدِّلت، وغيِّرت، وقد أخبر اللَّه تعالى بذلك، ويستحيل خلاف خبر اللَّه تعالى.

الدليل الثالث: أنه لو كان شرع من قبلنا شرع لنا دليلاً من أدلة

الأحكام التي يجب أن يرجع إليها لكان تعلمه، والاطلاع عليه،

وحفظه، ونقله، والحرص على سنده، والاهتمام به فرضاً من

فروض الكفاية كغيره من الأدلة الشرعية مثل القرآن والسُّنَّة.

جوابه؛ هو نفس الجواب عن الدليل الثاني لهم؛ حيث يقال: إنه لو

كانت تلك الشرائع السابقة قد وصلتنا بطريق موثوق به بدون تغيير

ولا تبديل لجاز أن نتعلمها ونهتم بها كما نهتم بأي دليل آخر.