للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيان حجية الاستحسان بناء على هذا التعريف:

هل الاستحسان حُجَّة بناء على هذا التعريف " التعريف الثاني "؟

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن الاستحسان بهذا التعريف ليس بحُجَّة.

وهو المذهب الحق عندي؛ لأدلة ثلاثة:

الدليل الأول: حديث معاذ، وهو: أنه لما بعثه إلى اليمن قال

له: " إن عرض عليك قضاء فبمَ تقضي؟ "

قال: بكتاب الله،

قال: فإن لم تجد؟ "

قال: بسُنَةَ رسول اللَّه،

قال: " فإن لم تجد؟ "

قال: اجتهد رأيي ولا آلو، فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وجه الدلالة: أن معاذاً ذكر الكتاب، والسُّنَّة، والاجتهاد، ولم

يذكر الاستحسان، فأقره النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فالاستحسان ليس بدليل، فلا يعتبر.

فإن قال قائل: إن الاجتهاد عام وشامل يضم القياس، والمصلحة

والاستحسان، فيدخل الاستحسان ضمن الأدلة.

فإنا نقول - في الجواب عن ذلك -: إن المقصود بالاجتهاد هو

الاجتهاد بالأدلة الشرعية، والاستحسان على تعريفكم إياه - وهو:

ما يستحسنه المجتهد بعقله - لا يدخل ضمن الأدلة المجتهد فيها؛

لعدم استناده إلى الأدلة الشرعية.

الدليل الثاني: أن الاستحسان بالتعريف الثاني - وهو: ما

يستحسنه المجتهد بعقله - لا ضابط له، كما أنه ليس له مقاييس

يقاس بها الحق من الباطل، فلو جاز لكل شخص أن يستحسن بعقله

كيفما شاء؛ لأدى ذلك إلى وجود أحكام مختلفة في النارلة الواحدة

لا ضابط لها، ولا معيار يبين الحق فيها.